ما هي أبرز الملفات الحقوقية على طاولة رئيس الحكومة الليبية الجديد؟
أبرزها الصحة والتعليم وحرية الرأي والتعبير..
ناشط حقوقي: الحكومة القادمة هي حكومة تسيير أعمال وهدفها إجراء الانتخابات والتأسيس لقاعدة الدولة
عضو لجنة الطاقة بالبرلمان: يجب التركيز على تحسين الظروف الاقتصادية والخدمات الأساسية وتحقيق العدالة
عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية: ملفات المرأة والإخفاء القسري وحرية التعبير يجب أن تكون لها الأولوية
خبيرة قانونية في الإدارة المحلية: يجب توحيد السلطات الضبطية والاهتمام بملفات المرأة والأمن والحقوق الاقتصادية
ناشطة حقوقية: حرية التعبير والتوازن بين الأمن والحقوق ملفات حقوقية لمستقبل ليبي أكثر عدلاً واستقراراً
ليبيا - إيمان بن عامر
تظل قضايا حقوق الإنسان من أهم الملفات التي تحتاج إلى اهتمام عاجل وحلول فعالة، وفي ليبيا التي تمر بمرحلة انتقالية صعبة مع تحديات أمنية وسياسية واجتماعية معقدة، يتطلب الأمر قيادة قوية ورؤية واضحة لتحقيق الإصلاحات الحقوقية والسياسية اللازمة.
في هذا التقرير تستعرض “جسور بوست” وجهات نظر عدد من المسؤولين والحقوقيين والنواب الليبيين حول أبرز الملفات الحقوقية التي يجب أن تكون على طاولة رئيس الوزراء الجديد، فقد تقدم أكثر من 6 شخصيات للترشح لهذا المنصب ونيل الموافقة من رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح.
في البداية، قال الحقوقي، محمد العربي، إن الحكومة القادمة هي حكومة تسيير أعمال، مصغرة، مناط إليها مهام محددة، وهدفها إجراء الانتخابات والتأسيس لقاعدة الدولة المتمثلة في وجود القاعدة الدستورية والتي نص عليها التعديل الثالث بنشر وقانونية الانتخابات ومفردات لجنة 6+6، ومن هذا المنطلق تعتبر الحكومة مقيدة نسبيا وفقا للمنطق وحال الواقع، إلا أن هذا لا يمنع أن تلتفت إلى الحقوق والقوانين التي تعتبر ضمن أولويات العيش المجتمعي وتكفل عدالته، وتلزم الدولة والمواطن بالحد المتعارف عليه دستوريا وقانونياً، بتفصيل مهام الحاكم وحقوق المحكوم في الصورة.
وبين "العربي"، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أنه على الحكومة القادمة أن تجعل التعليم نصب أعينها بتقنين وإعادة النظر في القوانين المنظمة سواء في التعليم الخاص أو العام في المتوسط والعالي، وإنصاف الأساتذة والوقوف على اللجان التعليمية وفرض سلطة القانون، أما بالنسبة للملف الثاني فهو الصحة ويقع ضمن الأولويات الحقوقية للمواطن، ومن ضمن ركائز الدولة وتحقيق ما نص عليه القانون بأن تكفل الرعاية الصحية باعتبارها حقا لكل مواطن، وتسوية أوضاع المرضى في الداخل والخارج، والحد من الفساد بهذا الملف.
محمد العربي
وتابع، أما الملف الثالث فهو الأمن الغذائي الذي من المفترض إعادة النظر في دعم السلع والصندوق الخاص به، والأمن العام هو رابع ملف، لأنه أذا لم يتم ترتيبه بالطريقة الصحيحة والعمل على أن يستتب الأمن تصبح حياة المواطن في خطر ولن يشعر بأمان، في ظل انتشار السلاح وارتفاع معدلات الجريمة، وما يصاحبها من تداعيات، وهنا يجب المجاهرة بالقانون والضرب بيد من حديد لكافة الظواهر السلبية بدءا من المخدرات والتهريب والاستيلاء على ممتلكات الغير والدولة، وتنفيذ الأحكام والتوسع في صلاحيات رجال الأمن ومأموري الضبط القضائي وتفكيك المجموعات المسلحة والتنظيمات التي هي خارج إطار القانون والشرعية، كذلك العمل على توحيد المؤسسة العسكرية وإبعادها عن الانقسامات السياسية لتصبح جيشاً للوطن من حيث العقيدة والإيمان.
وأردف قائلا، ومن ضمن الملفات المهمة التي من الواجب النظر فيها السياسة المالية وأزمات نقص السيولة كذلك أزمة الكهرباء وعدم استقرارها، بالإضافة إلى العمل على إخراج ليبيا من الوصاية الأممية، وكما هو متعارف عليه زوال الأسباب بزوال المسبب، أيضاً ملف الهجرة غير النظامية من الملفات الشائكة والذي يحتاج إلى ترتيب الآثار الناجمة عنه.
ومن جهتها، أوضحت عضو لجنة الطاقة بالبرلمان، عائشة الطبلقي، أن من أولويات رئيس الحكومة الجديدة النظر في ملف الانتخابات الذي طال أمده، والعمل على الوصول لانتخابات نزيهة ومنصفة، مشيرة إلى أنه من ناحية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعاني ليبيا من تدهور اقتصادي كبير يؤثر على مستوى المعيشة والحقوق الاجتماعية للمواطنين، لهذا وجب التركيز بالعمل على تحسين الظروف الاقتصادية والخدمات الأساسية، ومنها ملفا الصحة والتعليم اللذان يعدان من الركائز المهمة لقيام دولة ومجتمع على أسس صحيحة تمكنه من مواكب العالم، أيضاً رواتب موظفي الدولة من خلال وجوب صرفها في موعدها، مع توفير السيولة النقدية بالبنوك، وحل مشكلة النازحين نتيجة للحروب واستمرار النزاعات، ويبقى تحقيق العدالة الانتقالية أمرا حيويا لليبيا.
عائشة الطبلقي
وأضافت الطبلقي، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، أنه ينبغي لرئيس الوزراء الجديد دعم التحقيقات في الجرائم المرتكبة خلال النزاع، وضمان محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وتعويض الضحايا، مع الاهتمام بالملف الثالث وهو مشكلة البطالة وما يترتب عنها من مشكلات اقتصادية واجتماعية، مع النظر في موضوع التعيينات أو إيجاد بدائل للرفع من المستوى الاقتصادي.
الصحة والتعليم
وفي السياق، بين عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية، عبدالنبي بشير عبدالمولى، أن أبرز الملفات من وجهة نظره تتمثل في الاهتمام بحاجة المواطن المباشرة من صحة وتعليم وتوفير الخدمات المباشرة، مضيفا، إذا أردنا أن نبني مجتمعا حقيقيا يجب الاهتمام بالتعليم فهو ملف أساسي ومن ثم صحة المواطن، أما الملف الآخر فهو التجهيز لإنجاز المشروع الوطني وهو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والإعداد لها إعدادا صحيحاً من جميع النواحي، وتوفير ما يلزم من إمكانيات لإنجاح الانتخابات ودعم المفوضية العليا للانتخابات، لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
عبد النبي بشير عبد المولى
وأضاف عبدالمولى، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، كذلك هناك ملفات المرأة والإخفاء القسري وحرية التعبير، والتي تأتي ضمن الملفات الأبرز ومن المفترض أن تكون ضمن أولويات الحكومة الجديدة، إذا أردنا بناء مجتمع طيب الأعراق وجيد فلا بد من الاهتمام بالمرأة لأنها هي الأساس وعمود البيت لو سقطت وانحرفت هذه المرأة لسقط معها البيت بالكامل، كذلك ملف الأمن من الملفات الرئيسية التي من باب أولى إعطاؤها قدرا كبيرا من الاهتمام، ويجب أن تكون مؤسسات الدولة الأمنية حقيقية لتحقق أمن المواطن، سواء كانت عسكرية أو شرطية.
وبدورها، قالت الخبيرة القانونية في الإدارة المحلية والناشطة الحقوقية، مريم محمد الحوينط، إن الحقوق الاقتصادية للمواطن الليبي من أبرز الملفات التي نصفها بالمهمة، فمعالجة ملف التضخم الاقتصادي من أهم الملفات التي يجب أن تعالج بشكل حقيقي، وأيضا إيجاد حلول لوضع مرتبات الموظفين وآلية الصرف، وكذلك ملف الفساد والحد منه في مؤسسات الدولة بالكامل، يأتي ضمن الملفات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وخاصة في المؤسسات الفعالة، على سبيل المثال وزارة المالية، مع محاربة الفساد عن طريق الجهات الضبطية الموكل بها هذا الأمر ويقع ضمن اختصاصاتها، بالإضافة إلى ملف حقوق المرأة الليبية المتزوجة من غير ليبي وحقوق أبنائها، وطرق المعالجة بشكل فعال في ظل القوانين التي صدرت، وإلى أين وصلت اللجان التي شكلت بهذا الخصوص لأنه لوحظ على هذا الملف بطء في الإجراءات والتي تترتب عليها ضياع حقوق هذه الفئة من المجتمع، وكذلك حق الأمن للمواطن وآلية الضبط والحد من الإفلات من العقاب وهذا لا يتأتى إلا بتوحيد السلطات الضبطية المتعددة ويجب توضيح الصفة الوحيدة التي تتبع السلطات الأمنية التي لها الحق بالضبط والقبض وهذا سوف يحد من الإخفاء القسري.
وقالت الحوينط، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، إن هذا الأمر يرجع بثقله على رئاسة الوزراء في معالجة هذا الملف الحساس وخاصة من الجهات المختصة والممثلة في وزارات الداخلية والعدل والنائب العام، بالإضافة إلى حق الانتخاب وضرورة السرعة بالعمل على ملف الانتخابات في البلديات وتمويل المفوضية بضرورة توحيد السلطات التي تعمل على ملف الانتخابات، وأيضا ملفات حرية التعبير والرأي والتي للأسف قيدت بقانون الجرائم الإلكترونية، واصفة الأمر بأنه مجحف وبالتالي سلطة رئيس الوزراء تعتبر ضعيفة بهذا الملف.
مريم محمد الحوينط
حقوق الإنسان
وفي السياق، تقول الناشطة الحقوقية آسيا محمود، إن من القضايا المحورية التي تثير اهتمام المجتمع الدولي وعند النظر إلى الوضع في ليبيا، يمكننا ملاحظة العديد من الملفات البارزة التي تتعلق بحقوق الإنسان منذ الثورة الليبية في عام 2011، حيث واجهت البلاد تحديات عدة في هذا الصدد، فقد شهدت انتهاكات جسيمة ومتكررة لحقوق الإنسان، مما أثار قلق المنظمات الدولية والمراقبين المستقلين، أولا يعتبر حق الحياة في أمان شخصي من أبرز الملفات الحقوقية التي يجب أن ينظر فيها من قبل الحكومة الجديدة، فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة موجات عنف مسلح واشتباكات بين مجموعات مسلحة، مما أدى إلى فقدان العديد من الأرواح وضياع حق الأفراد في الأمان.
وتابعت آسيا، في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، كما ارتفعت حالات الاختفاء القسري حيث اختفى العديد من النشطاء والصحفيين مما أثار مخاوف من ممارسة القمع، ثانيا الملف المتعلق بالاحتجاز التعسفي يعكس الوضع القائم في البلاد، كما تواصل الجهات الأمنية احتجاز الأفراد دون محاكمات عادلة وخاصة الحقوقيين والنشطاء، وهذه الانتهاكات تعتبر خرقاً صارخاً للحق في الحرية والأمان، وتساهم في إيجاد مناخ من الخوف، أما الملف الثالث فيعبر عن حقوق المهاجرين واللاجئين وهو من الملفات الملحة، حيث تعد ليبيا نقطة عبور رئيسية للعديد من المهاجرين غير النظاميين، الذين يسعون للوصول إلى أوروبا، وقالت، إن الظروف التي يعيشها هؤلاء المهاجرون في مراكز الاحتجاز هي قاسية، حيث يتعرضون للمعاملة القاسية والاستغلال وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، ورابعا تشكل حرية التعبير وحرية الصحافة تحديا جوهريا في ليبيا، فقد انتشرت الأخبار عن قمع الإعلاميين والناشرين بالإضافة إلى التهديدات والعنف الذي يتعرض له الصحفيون، هذه الانتهاكات تعكس طبيعة الرقابة التي تمارسها السلطات، وتتعارض مع المبادئ الأساسية لحرية الصحافة والتعبير.
واختتمت بقولها، يظل ملف حقوق الإنسان في ليبيا موضوعا معقدا يتطلب اهتماما كبيرا، ويجب أن تعالج الانتهاكات وتحترم حقوق الفرد مع العمل على بناء مؤسسات تعزز حقوق الإنسان، ولتحقيق تقدم ملموس في هذا المجال يجب أن يكون بتحقيق التوازن بين الأمن والحقوق، ويمكن لليبيا أن تتجه نحو مستقبل أكثر استقرارا وعدلا.